نواكشوط ( وكالة البلد للأنباء ) اختلف الطيف السياسي الوطني على تسمية اللقاءات و النقاشات المرتقبة بين الفرقاء السياسيين ! فهل هو حوار ام تشاور ؟
ماذا يعني التشاور و ماذا يعني الحوار ؟
فالتشاور هو تبادل وجهات النظر بين أصدقاء تجمعهم ثقة و هم مشترك ، فهو يحدث بين الرفاق أو الزملاء أو بين أنصار اتجاه سياسي واحد أو بين الرئيس ووزيره الاول أو قيادة حزبه لتشكيل حكومة أو التعامل مع وضعية طارئة او بينه و بين احد وزرايه .. و قد تستدعي دولة ما سفيرها للتشاور و قد تتشاور المعارضة فيما بينها لاتخاذ موقف موحد او تنسيق خرجة سياسية !
اما الحوار السياسي فهو مفاوضات حول مواطن الخلاف في وجهات النظر لتجاوز ازمة ما ! فيحدث بين الخصوم أي بين المعارضة كمعارضة و بين النظام الحاكم، خاصة اذا كان ليس بين الإثنين ” إلا الإحترام ” و طبعا يختلفان على طريقة تسيير الشؤون الجارية . اي اتجاهين يحمل كل منهما مشروع مجتمع واضح المعالم و يختلف تماما عن مشروع الطرف الآخر ! و كل منهما يسعى للوصول الى الحكم لتنفيذ برنامجه ذاك!
يبدو الرئيس غزواني متناسق جدا و منسجم حين اختار صفة التشاور لانه لا يشعر بمعارضة تختلف معه في الطرح و تعترض على طريقة تسييره للحكم الذي يراه هو و أنصاره و معارضته في أحسن الأحوال و يسير بخطى حثيثة في الاتجاه الصحيح ! فكيف أتحاور مع من لا يختلف معي في شيء ؟ كيف أتحاور مع من هو راض على طريقتي في الحكم ؟ في هذه الحالة الرجل محق ! ليست هنالك أزمة !
هنالك رجال يتبنون نهج الرئيس و يسيرون خلفه و معه .. بل هم أكثر حظوة من بعض القادة الموالين الذين لم يحظوا بلقاء الرئيس و لم تقدم لهم إكراميات في حين يدخل ” المعارضون ” على الرئيس و يطرحون مشاكلهم و الرئيس يعطي تعليمات بتسديد رواتب متأخرة لهذا أو توظيف بعض اتباعه و أقاربه . و يكلف مدير الديوان بأن يفتح لهم وسائل الإعلام الرسمية ليدلوا بشهاداتهم حول ” جو الإنفتاح ” و جو التشاور و
التهدئة .. آذا ليست هنالك أزمة كما يردد رئيس الجمهورية – على الاقل مع هؤلاء – لا ضرورة للحوار إذا …
بل يمكن ان يكون هنالك تشاور نهاية العام القادم لتشكيل المستقلة للانتخابات بالتراضي أو إعادة التقطيع الإداري للمقاطعات و مراجعة قانون البلديات و إلغاء البلديات الريفية و إلغاء المجالس الجهوية أو زيادة عدد النواب او إلغاء قانون حل الأحزاب و تسهيل الحصول عليها خاصة للموالين الجدد …هذه هي قضايا الوطن !!!
أما المشاكل التي تمثل عقبة كأداء امام استقرار و أمن الدولة فلا مكان لطرحها حتى لا يتغير مزاج السيد الرئيس الذي يكره الحديث عن الإرث الانساني و يتقيأ عندما يتكلم الناس عن العبودية أو عن ما يعانيه لحراطين من غبن سياسي و اقتصادي يسميه هو ” الهشاشة ” و قد طرح له حلا تنفذه تآزر بمنهجية عجيبة ..! الرئيس يتضجر كثيرا حين يتحدث البعض عن تقاسم ثروات البلد او إشراك المواطنين فذلك خطاب متجاوز بل دعوة الكراهية و اللعب على إحياء الشرائحية ! الرئيس يخاف من طرح مشكل اللغة لان لديه فوبيا من احداث مضت …
فالرئيس – الطيب الخلوق المنفتح – لا يريد إثارة هذه المواضيع و قد اشترى من الساسة حسن السلوك و سلاسة الخطاب من أجل “اتفاك ”
لا يجب ان يتغير ميزاح الرئيس حتى لا يوقف التهدئة و يرفض مقابلة الخلطة ..!
هنالك إذا منطق يتطلب التشاور يكون أطرافه هي هذه التي يحب بعضها بعضا هذه التي وضعت القضايا الوطنية الكبرى في سلة المهملات و فضلت مكاسب معينة يتفضل بها السيد الرئيس مقابل الابتعاد عن كل ما يغضبه او ” يورقه ” فهو على ما يبدو من أهل الحموضة ..!
نعم يجب ان يتشاور الرئيس مع أغلبيته الموسعة ( حزب التكتل و اتحاد قوى التقدم و بيرام و كذلك المارقين من حزب تواصل و الخارجين/ت على عزيز و مع جماعة بوعماتو و مصطفى لمام الشافعي)
و هنالك ضرورة للحوار بين الرئيس و معارضيه الحقيقيين الذين رفضوا تقاسم الكعكة و رفضوا التنازل عن خطاباتهم و مواقفهم و اهدافهم و هنا أعني حزب تواصل و حزب التحالف الشعبي التقدمي و حزب الرباط الوطني للحقوق و بناء الأجيال و حزب FRUD و حركتي ” العيش المشترك ” و حزب رفاق بدر الدين و الحزب الموريتاني للدفاع عن البيئة و حركة كفانا و حركة SPD ( بالا توري )
هذه المعارضة التي تشكلت اليوم مع انها لم تنسق بعد مواقفها حتى الساعة لكنها موحدة في توصيف الازمة التي تستوجب بالضرورة حوارا سياسيا عميقا و جامعا و شاملا و صريحا و ليس تشاورا بين رفاق يريدون ترسيم طريقتهم في تقاسم الكعكة.