نواكشوط ( وكالة البلد للأنباء ) على مدار حقبة نضالها الطويل واجهت المرأة العربية العديد من التحديات المجتمعية، والتي وقفت عائقاً كاد أن يحد من قدراتها في الانطلاق نحو التطلعات الكبيرة التي وصلت إليها المرأة في العالم، لكنها وبفضل مثابرتها استطاعت أن تتغلب على تلك العوائق، وواجهتها بعزيمة لا تقهر وصبر لا يلين، وسعت حثيثاً لإزالة تلك المتاريس التي استطالت، وقد أفلح هذا الجهد في ميلاد كيانات فاعلة للمرأة ولحقت بها ما وصلت اليه نظيراتها في العالم ، بل وتحقق نجاحات ظاهرة في مجال تنمية قدرات المرأة وظهرت العديد من النماذج المشرفة للمرأة العربية أمكن الاقتداء بها.
ظل اسم هيئة المرأة العربية كواحدة من تلك الكيانات التي اهتمت بتنمية قدرات المرأة، والتي اختار مجلس إمناءها بالإجماع الأميرة السعودية دعاء بنت محمد لمنصب الرئيس الأعلى للهيئة ، أسوق هذا النموذج المشرف للتأكيد على وعي قيادة وريادة المرأة العربية وللاستدلال على مقدرتها في التعامل مع العديد من القضايا الشائكة التي ظلت تعاني منها منطقتنا العربية، وقابليتها على التعامل مع كل القضايا التي تهم النساء العربيات في المجالات الفكرية، والثقافية، والإنسانية والصحية، ومعالجتها بما يضمن تعزيز صورة المرأة وتمكينها من المشاركة الفاعلة في التنمية المستدامة كأنموذج يُحتذَى..
ما زالت المرأة في العالم تواجه العديد من الحواجز التي تمنع تلقيها لحقوقها الصحية التي يكفلها القانون والحق الإنساني، هذه العوائق بمختلف مسمياتها الاجتماعية بقيت حجر عثرة أمام العديد من برامج المنظمات المهتمة بصحة المرأة الجسدية والنفسية والمعنوية، وقد ظلت القضايا الصحية للمرأة العربية واحدة من أهم القضايا التي أولتها هيئة المرأة العربية اهتماما ًمتعاظما ًوذلك لإيمانها العميق بدور المرأة في قيادة المجتمع العربي الذي ظل محافظا ًعلى نسيجة الاجتماعي بفضلها إذ ظلت هي عماد ذلك النسيج المتين للمجتمع المعافى.
لذا جاء الاهتمام بالقضايا المتعلقة بالتوعية الصحية بأكثر الأمراض فتكا ًبالمرأة، ولعلي لا أبالغ إذا قلت وبحسب الاحصاءات العلمية أن سرطان الثدي هو السبب الأول لتشخيص السرطانات والوفيات لدى النساء في البلاد العربية كافة، ليس هذا على مستوى العالم العربي، فحسب بل على المستوى العالمي، ولكنها على نطاق الدول العربية الأقل نمواً هي الأعلى وتشكل خطراً وجب دقّ ناقوسه لينتبه له الجميع.
ولعل اهتمامات الأميرة دعاء بنت محمد، بالمبادرات الدولية المهتمة بمكافحة سرطان الثدي، والمبادرة الدولية التي أطلقتها مطلع العام الحالي، في مجال العمل الصحي والإنساني لنشر الفكر التوعوي عن المرض، ونشر مراكز الكشف المبكر عن سرطان الثدي يصب في صالح دعم الأنشطة الصحية التي تعالج قضايا المرأة في الوطن العربي والعالم، من خلال شراكتها الإستراتيجية مع منظمة الصحة العالمية، والشركاء المهتمون بمجالات الصحة في العالم كافة، حيث آلت الهيئة على نفسها بإنشاء 25 مركزاً للكشف المبكر في 25 بلدا للدول الأقل نمواً، في اسيا وأفريقيا والتي تعاني ظروفا ً صحية ًصعبة في توفير برامج الرعاية الصحية .
من خلال اهتمامها بوضع قاعدة بيانات تشجيعية تناولت الهيئة سيرة وتجارب العديد من الناجيات اللائي استطعن بفضل صمودهن ووعيهن المبكر تخطي المراحل الصعبة من المرض من خلال الحملات “الوردية” للتوعية بالمرض، وحكين قصص صمودهن وتحديهن للأعراض المرضية ومقاومتها بفضل ثقتهن بأنفسهن والدعم اللامحدود من قبل الأسرة والإيمان بالله، ثم بفضل الاهتمام الكبير الذي وجدنه من الكوادر الطبية التي أشرفت على علاجهن بتقديم الخدمات العلاجية لهن، الأمر الذي كان له الأثر الكبير في نجاح العلاج بنسبة كافية للوصول لمرحلة الشفاء الكامل، وهذا ما سعى اليه البرنامج الصحي الموسع لهيئة المرأة العربية من خلال شراكات فاعلة خدمة للمجتمع العربي والعالمي وعبر مبادرات خلاّقة تقودها المرأة العربية تأكيدا لدورها المهم في المجتمع العربي، مؤكدة بذلك أن دورها لم يعد دورها محصورا في نطاقاته التقليدية الضيقة، بل أصبح واسعا ًيستوعب كل أطياف العمل الفكري والخيرى والإنساني والتوعوي.
* المستشارة الإعلامية لهيئة المرأة العربية