amazon promo codes

flipkart coupon codes

voonik coupons

promo code coupons

globalnin.com

الرئيسية / مقالات / تائه بين المواقع / الأستاذ المرتضى محمد اشفق

تائه بين المواقع / الأستاذ المرتضى محمد اشفق

ظاهرة الحنين الى الماضي تعبير عن افلاس الحاضر وعدم قدرته على توفير البدائل عما افتقده الانسان مع غروب شمس امسه…فيعوض عن ذلك بحنين الى ماض مفقود  , اوامل في مستقبل مجهول , يظن ان ما تسطره له احلام يقظته خير لا محالة مما يعيشه ويمتلكه….ذلك ان الخيال احلى من الحقيقة ….خذ صورة التقطت لك قرب بيتك فسيخيل اليك ان المنظر العام اكثر رومانسية من الواقع ..وبين المفقود والمجهول يتيه  الانسان في رحلة غامضة كلما قست جذبت , وكلما عذبت عذبت….

الامل وهم لا يدرك , …فكم تحققت ءامال قادت الى ءامال غيرها ….وتستمر رحلة مطاردة المجهول…..

اما الحنين فهو توهم الانسان ان امسه خير من يومه… والماضي لا يعود …انه مفقود لا سبيل اليه…وحين يرى الانسان تجاعيد شيخوخته , وارتعاش اعصابه , وترهل عضلاته….ويرى الموازين قد تغيرت…فلم تعد اوامره منفذة , ولم يعد رايه صالحا لزمان غيره , يحاول الفرار الى الوراء  , فيتحرك الالم والحسرة والحنين الى حقبة الشباب والقوة والنضارة وسيادة قيم المجتمع…..فتتقد لواعج الشوق لادراك المستحيل….

اما حنيننا فالى ايام سوالف , كنا نسمع فيها المذيعة الناه بنت سيدي تقول : هنا انواكشوط اذاعة الجمهورية الاسلاملة الموريتانية اليكم نشرة الاخبار مبدوءة بالمقدمة….(ما زلت اذكر وانا تلميذ في السنة الثالثة اعدادية قول استاذ اللغة العربية التونسي هادي احميده في بوكى: لموريتانيا ان تفتخر بالناه بنت سيدي نظرا لسلامة لغتها وحسن نبرتها وتوقفها عند الفواصل….)

كانت الاذاعة الوطنية مصدرا وحيدا للخبر في عموم التراب الوطني…لكن المواطن كان يصدقها بل كان يؤمن بعصمتها من الكذب والتلفيق.

ويمضي الزمن وتتلاحق مراحل تطوره لنصبح اليوم مع هذه الطفرة الغريبة من وسائل النشر وما تقذفه لنا على مدار الثانية من اخبار وكتابات….وكم رجونا ان تنعم بلادنا بثورة معلوماتية واعلامية تخرج البلد من حقب الظلام وندرة المعلومة والخبر ….كم رجونا ان يشرق يوم صحو ونرى السماء صافية قد اغتسلت من ادران الغيوم والاتربة والتعتيم….

نعم تحقق شطر الرجاء…فغصت ساحاتنا الاعلامية بالمواقع والصحف …فاستبشرنا بتنمية شاملة تسح على البلد وتخرجه من عذابات الفاقة والجهل الى طمانينة السعة والازدهار….انتظرنا ان يرى المواطن في كل شبر قوة خلاقة وجيشا جرارا متراص الصفوف متوحد الهدف يزحف ليدك حصون حقب من التخلف والتهميش والظلم..لا بذخيرة تسفك الدماء وتنهب الاموال وتحرق العباد والبلاد …بل بمعركة قذائفها كلمات طيبة وطنية بناءة , وافكار نيرة مخلصة تنبع من مرجعية الاسلام الذي يعصم للانسان حقه كاملا غير منقوص ….

كم انتظرنا ان تظهر اقلام شريفة ولاؤها للوطن وحده تنير للمواطنين الابرياء الدروب , وترشدهم الى الصواب وتمنحهم الحقيقة كما هي لاكما تهوى الاقلام , وتهديهم التحليل بريئا من شوائب الانتماء الضيق : عرقا او لونا او وجهة نظر سياسية…ان المواطن البريء تربكه هذه الاشياء الغريبة على تاريخه وحضارته ودينه وقيمه …فالموريتاني محفورة في ذاكرته الثقافية ومكونته الاجتماعية صورة الكوخ والخيمة يتعانقان عناقا عضويا بلحمة اسلامية ترتل (انما المؤمنون اخوة….ان اكرمكم عند الله اتقاكم …لا فضل لعربي على عجمي الا بالتقوى),  صورة العمامة والقلنسوة , خوار البقرة البيضاء وحنين الناقة الشقراء …

ان المواطن البريء لا يفهم مفردات الزمن الرديء التي تجزئ غير المجزإ , وتتبنى الفكر الدعي الدعائي , ان المواطن البريء في خلقه وخلقه ركب من عجينة محظرية يمتزج فيها اذان الفجر بسورة الرحمن , والحبر الاسود بالالواح الخشبية واقلام “الجريد” والصمغ وفحم الطلح….و-عبد الاله الشنجطي يشتري….- في ولاته , وءايرمبار, ووادان , وغابو وشنجيط…

لكن هذا الانفجار الكبير ما ان بشرنا حتى انذرنا وما ان انذرنا حتى دمرنا ….فعمدت مواقع كثيرة الى الغوص في اعماق عكرة تتراكم فيها الجيف والنفايات لتخرج وقد نتنت كلماتها وتلوثت افكارها فحركت في القارئ حالة الغثيان وارغمته على التقيء وتشمير اللثام على الانف , بدل ان تنزل الى المياه الصافية وتوزع ما اخرجت من درر على زوار الشطآن النظيفة….

صفحات بعض المواقع انقلبت الى ميادين استعراض العضلات اللغوية والمهارات الفنية , واصبح الناس يتفرجون عليها تفرجهم على حلبات مصارعة “الكتش” ويتسلون باساليب التجريح والاقذاع , تماما كما يتسلى الاطفال وعديمو الثقافة بالضربة القاضية يصوبها الملاكم الى مقتل خصمه…

بعض المواقع يبدع في صياغة العنوان , فلا يتمالك القارئ عن نشر التفصيل قبل قراءة بقية العناوين , ليدرك ان الجهد الصحفي انحصر في جملة العنوان , كمن يطلق قذيفة لقتل نملة…

بعض المواقع ينزلق خضوعا لمتطلبات  السبق والسرعة الى التكبير اربعا على مزية التروي والتحري والتدقيق..فهناك صنف تعجله هذه الاكرهات عن الروية والصدق….وهناك صنف لا يعتمد على أي مصدر مهما ضعف خبره , بل يختلق ويروج حسب ما يمليه عليه المزاج النفسي , والراي الشخصي او السياسي …وبين هؤلاء واؤلئك تضيع الحقيقة ويحن القارئ الى سماع السيدة الناه بنت سيدي تقول : هنا انواكشوط اذاعة الجمهورية الاسلامية الموريتانية اليكم نشرة الاخبار ابداها بالمقدمة….

المرتضى / محمد اشفق

شاهد أيضاً

كفي ظلما لكن قبله كفي تفرقا و انقساما / عبد السلام محمد

نواكشوط ( وكالة البلد للأنباء ) مؤسف ما شاهدناه في الأمس خلال تخليد رابعة الميثاق …

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: